‹الابن يريد ان يكشف شخصية الآب›
«لَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ . . . مَنْ هُوَ ٱلْآبُ إِلَّا ٱلِٱبْنُ، وَمَنْ يُرِيدُ ٱلِٱبْنُ أَنْ يَكْشِفَهُ لَهُ». — لوقا ١٠:٢٢.
١، ٢ أَيُّ سُؤَالٍ يُحَيِّرُ كَثِيرِينَ، وَلِمَاذَا؟
‹مَنْ هُوَ ٱللهُ؟›. مَا أَكْثَرَ ٱلَّذِينَ يُحَيِّرُهُمْ هذَا ٱلسُّؤَالُ! مَثَلًا، رَغْمَ أَنَّ أَغْلَبِيَّةَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلِٱسْمِيِّينَ يُؤْمِنُونَ أَنَّ ٱللهَ ثَالُوثٌ، يَعْتَرِفُ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ أَنَّ فَهْمَ هذِهِ ٱلْعَقِيدَةِ هُوَ مِنْ رَابِعِ ٱلْمُسْتَحِيلَاتِ. وَيُقِرُّ كَاتِبٌ وَرَجُلُ دِينٍ بِهذَا ٱلْوَاقِعِ قَائِلًا: «إِنَّهَا عَقِيدَةٌ لَا يَسْتَوْعِبُهَا عَقْلُ ٱلْإِنْسَانِ ٱلْمَحْدُودُ. فَهِيَ تَفُوقُ ٱلْإِدْرَاكَ ٱلطَّبِيعِيَّ أَوِ ٱلْمَنْطِقَ ٱلْبَشَرِيَّ». مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، إِنَّ مُعْظَمَ ٱلَّذِينَ يُؤَيِّدُونَ نَظَرِيَّةَ ٱلتَّطَوُّرِ لَا يُؤْمِنُونَ بِوُجُودِ ٱللهِ. فَهُمْ يَنْسِبُونَ كُلَّ رَوَائِعِ ٱلْخَلْقِ إِلَى ٱلصُّدْفَةِ ٱلْعَمْيَاءِ. لكِنَّ تْشَارْلْز دَارْوِين لَمْ يُنْكِرْ وُجُودَ ٱللهِ، بَلْ قَالَ: «اَلِٱسْتِنْتَاجُ ٱلْأَسْلَمُ بِرَأْيِي هُوَ أَنَّ ٱلْمَسْأَلَةَ بِرُمَّتِهَا أَعْمَقُ جِدًّا مِنْ أَنْ يَسْتَوْعِبَهَا ٱلْعَقْلُ ٱلْبَشَرِيُّ».
٢ نَعَمْ، لَطَالَمَا رَاوَدَتْ غَالِبِيَّةَ ٱلنَّاسِ — عَلَى ٱخْتِلَافِ مُعْتَقَدَاتِهِمْ — أَسْئِلَةٌ تَتَعَلَّقُ بِوُجُودِ ٱللهِ. غَيْرَ أَنَّ كَثِيرِينَ مِنْهُمْ تَوَقَّفُوا عَنِ ٱلْبَحْثِ حِينَ لَمْ يَجِدُوا جَوَابًا شَافِيًا. وَفِي ٱلْوَاقِعِ، لَقَدْ «أَعْمَى [ٱلشَّيْطَانُ] أَذْهَانَ غَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ». (٢ كو ٤:٤) فَلَا عَجَبَ أَنْ يَسْتَحْوِذَ ٱلْجَهْلُ وَٱلتَّشْوِيشُ عَلَى ٱلْبَشَرِ بِشَأْنِ ٱلْحَقِيقَةِ عَنِ ٱلْآبِ، خَالِقِ ٱلْكَوْنِ! — اش ٤٥:١٨.
٣ (أ) مَنْ كَشَفَ شَخْصِيَّةَ ٱلْخَالِقِ لَنَا؟ (ب) أَيَّةُ أَسْئِلَةٍ سَنُعَالِجُهَا فِي مَا يَلِي؟
٣ مَعَ ذلِكَ، مِنَ ٱلْمُهِمِّ جِدًّا ٱلتَّعَلُّمُ عَنِ ٱللهِ. لِمَاذَا؟ لِأَنَّ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ «بِٱسْمِ يَهْوَهَ» هُمْ فَقَطْ مَنْ يَخْلُصُونَ. (رو ١٠:١٣) وَٱلدُّعَاءُ بِٱسْمِ ٱللهِ يَتَطَلَّبُ مَعْرِفَةَ يَهْوَهَ وَصِفَاتِهِ. وَقَدْ أَطْلَعَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ تَلَامِيذَهُ عَلَى هذِهِ ٱلْحَقَائِقِ ٱلْحَيَوِيَّةِ، إِذْ كَشَفَ لَهُمْ شَخْصِيَّةَ ٱلْآبِ. (اِقْرَأْ لوقا ١٠:٢٢.) فَلِمَ كَانَ أَفْضَلَ مَنْ عَرَّفَنَا بِأَبِيهِ؟ كَيْفَ فَعَلَ ذلِكَ؟ وَكَيْفَ نَقْتَدِي بِهِ فِي هذَا ٱلْمَجَالِ؟ لِنُعَالِجْ هذِهِ ٱلْأَسْئِلَةَ فِي مَا يَلِي.
يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ هُوَ ٱلْوَحِيدُ ٱلْمُؤَهَّلُ لِكَشْفِ شَخْصِيَّةِ أَبِيهِ
٤، ٥ لِمَاذَا يَسُوعُ هُوَ ٱلْوَحِيدُ ٱلْمُؤَهَّلُ لِكَشْفِ شَخْصِيَّةِ أَبِيهِ؟
٤ لِمَاذَا يَسُوعُ هُوَ ٱلْوَحِيدُ ٱلْمُؤَهَّلُ لِكَشْفِ شَخْصِيَّةِ أَبِيهِ؟ لِأَنَّهُ وُجِدَ فِي ٱلسَّمَاءِ قَبْلَ سَائِرِ ٱلْمَخْلُوقَاتِ. فَقَدْ كَانَ «مَوْلُودَ ٱللهِ ٱلْوَحِيدَ». (يو ١:١٤؛ ٣:١٨) وَيَا لَهَا مِنْ مَكَانَةٍ مُمَيَّزَةٍ! فَحِينَ لَمْ يَكُنْ قَدْ خُلِقَ سِوَاهُ بَعْدُ، نَعِمَ هذَا ٱلِٱبْنُ بِٱلِٱهْتِمَامِ ٱلْحُبِّيِّ ٱلَّذِي أَوْلَاهُ إِيَّاهُ أَبُوهُ وَتَعَلَّمَ عَنْهُ وَعَنْ صِفَاتِهِ. وَلَا بُدَّ أَنَّ ٱلْآبَ وَٱلِٱبْنَ تَوَاصَلَا طَوَالَ دُهُورٍ وَنَمَّيَا مَوَدَّةً شَدِيدَةً وَاحِدُهُمَا لِلْآخَرِ. (يو ٥:٢٠؛ ١٤:٣١) فَيَا لَغِنَى ٱلْمَعْرِفَةِ ٱلَّتِي ٱكْتَسَبَهَا ٱلِٱبْنُ عَنْ أَبِيهِ! — اِقْرَأْ كولوسي ١:١٥-١٧.
٥ عَيَّنَ ٱلْآبُ ٱلِٱبْنَ لِيَكُونَ «كَلِمَةَ ٱللهِ»، أَيِ ٱلنَّاطِقَ بِٱسْمِهِ. (رؤ ١٩:١٣) وَهذَا مَا سَاهَمَ أَيْضًا فِي جَعْلِ يَسُوعَ أَفْضَلَ مَنْ يَسْتَطِيعُ كَشْفَ شَخْصِيَّةِ أَبِيهِ. وَكَمْ مِنَ ٱلْمُلَائِمِ أَنْ يَذْكُرَ يُوحَنَّا، أَحَدُ كَتَبَةِ ٱلْأَنَاجِيلِ، أَنَّ يَسُوعَ هُوَ فِي «حِضْنِ ٱلْآبِ»! (يو ١:١، ١٨) فَقَدْ أَشَارَ بِعِبَارَتِهِ هذِهِ إِلَى عَادَةٍ ٱتُّبِعَتْ فِي أَيَّامِهِ أَثْنَاءَ وَجَبَاتِ ٱلطَّعَامِ. فَكَانَ ٱلضَّيْفُ يَتَّكِئُ قَرِيبًا جِدًّا مِنْ ضَيْفٍ آخَرَ عَلَى ٱلْأَرِيكَةِ نَفْسِهَا، مَا سَهَّلَ عَلَيْهِمَا تَبَادُلَ ٱلْأَحَادِيثِ. وَهكَذَا، فَإِنَّ كَوْنَ ٱلِٱبْنِ فِي «حِضْنِ ٱلْآبِ» هُوَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمَا كَانَا يَتَبَادَلَانِ ٱلْأَحَادِيثَ ٱلْحَمِيمَةَ.
٦، ٧ كَيْفَ ٱسْتَمَرَّتِ ٱلْعَلَاقَةُ بَيْنَ ٱلْآبِ وَٱلِٱبْنِ تَقْوَى أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ؟
٦ صَارَ ٱلِٱبْنُ ‹لَذَّةَ ٱلْآبِ يَوْمًا فَيَوْمًا›. (اِقْرَأْ امثال ٨:٢٢، ٢٣، ٣٠، ٣١.) فَعَلَى مَرِّ ٱلْوَقْتِ، ٱسْتَمَرَّتْ عَلَاقَتُهُمَا تَعْمُقُ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ. كَيْفَ ذلِكَ؟ لَقَدْ كَانَ ٱلرَّابِطُ بَيْنَهُمَا يَقْوَى فِيمَا هُمَا يَعْمَلَانِ مَعًا وَفِيمَا ٱلِٱبْنُ يَتَعَلَّمُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِأَبِيهِ. فَعِنْدَمَا أَوْجَدَ ٱللهُ ٱلْمَخْلُوقَاتِ ٱلْعَاقِلَةَ ٱلْأُخْرَى، لَاحَظَ ٱلِٱبْنُ كَيْفَ تَعَامَلَ مَعَ كُلٍّ مِنْهَا، ٱلْأَمْرُ ٱلَّذِي عَمَّقَ بِلَا رَيْبٍ تَقْدِيرَهُ لِشَخْصِيَّةِ أَبِيهِ.
٧ حَتَّى عِنْدَمَا تَحَدَّى ٱلشَّيْطَانُ شَرْعِيَّةَ سُلْطَانِ يَهْوَهَ، حَظِيَ ٱلِٱبْنُ بِٱلْفُرْصَةِ لِيَتَعَلَّمَ كَيْفَ يُعْرِبُ أَبُوهُ عَنِ ٱلْمَحَبَّةِ وَٱلْعَدْلِ وَٱلْحِكْمَةِ وَٱلْقُدْرَةِ لِمُعَالَجَةِ وَضْعٍ صَعْبٍ. وَهذَا مَا أَعَدَّهُ دُونَ شَكٍّ لِمُعَالَجَةِ ٱلصُّعُوبَاتِ ٱلَّتِي كَانَ سَيُوَاجِهُهَا لَاحِقًا فِي خِدْمَتِهِ عَلَى ٱلْأَرْضِ. — يو ٥:١٩.
٨ كَيْفَ تُسَاعِدُنَا رِوَايَاتُ ٱلْأَنَاجِيلِ أَنْ نَتَعَلَّمَ ٱلْكَثِيرَ عَنْ صِفَاتِ ٱللهِ؟
٨ إِذًا، تَمَكَّنَ ٱلِٱبْنُ أَنْ يُعْطِيَ تَفَاصِيلَ عَنِ ٱلْآبِ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ شَخْصٍ آخَرَ بِسَبَبِ عَلَاقَتِهِ ٱللَّصِيقَةِ بِأَبِيهِ يَهْوَهَ. لِذلِكَ، فَإِنَّ ٱلتَّأَمُّلَ فِي أَعْمَالِهِ وَأَقْوَالِهِ هُوَ ٱلطَّرِيقَةُ ٱلْفُضْلَى لِمَعْرِفَةِ ٱلْآبِ. لِلْإِيضَاحِ، فَكِّرْ كَمْ يَصْعُبُ عَلَيْنَا فَهْمُ مَا تَعْنِيهِ كَلِمَةُ «مَحَبَّةٍ» بِمُجَرَّدِ ٱلِٱعْتِمَادِ عَلَى تَعْرِيفِ ٱلْقَامُوسِ. لكِنْ إِذَا تَمَعَّنَّا فِي ٱلرِّوَايَاتِ ٱلْحَيَّةِ ٱلَّتِي دَوَّنَهَا كَتَبَةُ ٱلْأَنَاجِيلِ عَنْ خِدْمَةِ يَسُوعَ وَٱهْتِمَامِهِ بِٱلْآخَرِينَ، نُدْرِكُ مَغْزَى ٱلْعِبَارَةِ ٱلتَّالِيَةِ: «اَللهُ مَحَبَّةٌ». (١ يو ٤:٨، ١٦) وَيَصِحُّ ٱلْأَمْرُ نَفْسُهُ فِي صِفَاتِ ٱللهِ ٱلْأُخْرَى ٱلَّتِي بَيَّنَهَا يَسُوعُ لِتَلَامِيذِهِ حِينَ كَانَ عَلَى ٱلْأَرْضِ.
كَيْفَ كَشَفَ يَسُوعُ شَخْصِيَّةَ أَبِيهِ؟
٩ (أ) بِأَيَّةِ طَرِيقَتَيْنِ رَئِيسِيَّتَيْنِ كَشَفَ يَسُوعُ شَخْصِيَّةَ أَبِيهِ؟ (ب) أَعْطُوا مَثَلًا يُظْهِرُ كَيْفَ كَشَفَ يَسُوعُ شَخْصِيَّةَ أَبِيهِ مِنْ خِلَالِ تَعَالِيمِهِ.
٩ كَشَفَ يَسُوعُ شَخْصِيَّةَ ٱلْآبِ لِأَتْبَاعِهِ بِطَرِيقَتَيْنِ رَئِيسِيَّتَيْنِ: تَعَالِيمِهِ وَسُلُوكِهِ. فَلْنَتَأَمَّلْ أَوَّلًا فِي تَعَالِيمِهِ. إِنَّ مَا عَلَّمَهُ يَسُوعُ لِتَلَامِيذِهِ دَلَّ عَلَى عُمْقِ مَعْرِفَتِهِ لِأَفْكَارِ يَهْوَهَ، مَشَاعِرِهِ، وَطُرُقِهِ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، شَبَّهَ أَبَاهُ بِشَخْصٍ شَرَدَ خَرُوفٌ مِنْ قَطِيعِهِ فَهَبَّ لِلْبَحْثِ عَنْهُ. وَعِنْدَمَا وَجَدَهُ «فَرِحَ بِهِ أَكْثَرَ مِنَ ٱلتِّسْعَةِ وَٱلتِّسْعِينَ ٱلَّتِي لَمْ تَشْرُدْ». وَمَا هُوَ تَطْبِيقُ هذَا ٱلْمَثَلِ؟ يُوضِحُ يَسُوعُ: «هٰكَذَا لَا يَشَاءُ أَبِي ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاءِ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ هٰؤُلَاءِ ٱلصِّغَارِ». (مت ١٨:١٢-١٤) فَمَاذَا يُعَلِّمُكَ ذلِكَ عَنْ يَهْوَهَ؟ حَتَّى لَوْ شَعَرْتَ أَحْيَانًا أَنَّكَ عَدِيمُ ٱلْقِيمَةِ وَمَنْسِيٌّ، فَأَبُوكَ ٱلسَّمَاوِيُّ يُحِبُّكَ وَيَهْتَمُّ بِكَ. فَأَنْتَ فِي عَيْنَيْهِ أَحَدُ «هٰؤُلَاءِ ٱلصِّغَارِ».
١٠ كَيْفَ كَشَفَ يَسُوعُ شَخْصِيَّةَ أَبِيهِ مِنْ خِلَالِ سُلُوكِهِ؟
١٠ إِنَّ ٱلطَّرِيقَةَ ٱلثَّانِيَةَ ٱلَّتِي عَلَّمَنَا بِهَا يَسُوعُ عَنْ أَبِيهِ هِيَ سُلُوكُهُ. فَهُوَ نَفْسُهُ قَالَ: «مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى ٱلْآبَ» عِنْدَمَا طَلَبَ مِنْهُ ٱلرَّسُولُ فِيلِبُّسُ أَنْ ‹يُرِيَهُمُ ٱلْآبَ›. (يو ١٤:٨، ٩) تَأَمَّلْ فِي مِثَالَيْنِ يُظْهِرَانِ كَيْفَ عَكَسَ لَنَا يَسُوعُ صِفَاتِ أَبِيهِ. فَحِينَ تَوَسَّلَ إِلَيْهِ شَخْصٌ أَبْرَصُ أَنْ يَشْفِيَهُ، لَمَسَهُ رَغْمَ أَنَّهُ «مَمْلُوءٌ بَرَصًا» وَقَالَ لَهُ: «أُرِيدُ، فَٱطْهُرْ». وَلَمَّا شُفِيَ ٱلْأَبْرَصُ، لَا بُدَّ أَنَّهُ رَأَى يَدَ يَهْوَهَ فِي مَا فَعَلَهُ يَسُوعُ. (لو ٥:١٢، ١٣) كَذلِكَ عِنْدَمَا مَاتَ لِعَازَرُ، تَجَلَّتْ رَأْفَةُ ٱلْآبِ لِلتَّلَامِيذِ دُونَ شَكٍّ حِينَ «أَنَّ [يَسُوعُ] بِٱلرُّوحِ وَٱضْطَرَبَ» وَ ‹ذَرَفَ ٱلدُّمُوعَ›. فَرَغْمَ أَنَّ يَسُوعَ عَلِمَ أَنَّهُ سَيُقِيمُ لِعَازَرَ، أَحَسَّ بِٱلْأَلَمِ عَيْنِهِ ٱلَّذِي ٱعْتَصَرَ قَلْبَ عَائِلَةِ ٱلْفَقِيدِ وَأَصْدِقَائِهِ. (يو ١١:٣٢-٣٥، ٤٠-٤٣) وَمِنَ ٱلْمُؤَكَّدِ أَنَّ لَدَيْكَ أَنْتَ أَيْضًا رِوَايَاتٍ مُفَضَّلَةً فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ تُظْهِرُ لَكَ رَحْمَةَ ٱلْآبِ مِنْ خِلَالِ أَعْمَالِ يَسُوعَ.
١١ (أ) مَاذَا كَشَفَ يَسُوعُ عَنْ شَخْصِيَّةِ ٱلْآبِ حِينَ طَهَّرَ ٱلْهَيْكَلَ؟ (ب) لِمَ تُطَمْئِنُنَا ٱلرِّوَايَةُ عَنْ تَطْهِيرِ يَسُوعَ لِلْهَيْكَلِ؟
١١ تَأَمَّلْ كَذلِكَ فِي حَادِثَةِ تَطْهِيرِ يَسُوعَ لِلْهَيْكَلِ. فَقَدْ صَنَعَ سَوْطًا مِنْ حِبَالٍ وَطَرَدَ بَاعَةَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْخِرَافِ. وَمِنْ ثُمَّ، كَبَّ نُقُودَ ٱلصَّيَارِفَةِ وَقَلَبَ مَوَائِدَهُمْ. (يو ٢:١٣-١٧) عِنْدَئِذٍ، تَذَكَّرَ ٱلتَّلَامِيذُ كَلِمَاتِ ٱلْمَلِكِ دَاوُدَ ٱلنَّبَوِيَّةَ: «اَلْغَيْرَةُ عَلَى بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي». (مز ٦٩:٩) وَهذَا ٱلْإِجْرَاءُ ٱلْحَازِمُ ٱلَّذِي ٱتَّخَذَهُ يَسُوعُ أَظْهَرَ رَغْبَتَهُ ٱلْقَوِيَّةَ فِي ٱلدِّفَاعِ عَنِ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ. فَمَاذَا تَتَعَلَّمُ مِنْ هذِهِ ٱلرِّوَايَةِ عَنْ شَخْصِيَّةِ ٱلْآبِ؟ إِنَّهَا تُذَكِّرُنَا أَنَّ ٱللهَ لَا يَمْلِكُ قُدْرَةً لَامُتَنَاهِيَةً عَلَى مَحْوِ ٱلشَّرِّ عَنْ وَجْهِ ٱلْأَرْضِ فَحَسْبُ، بَلْ أَيْضًا تَوْقًا شَدِيدًا إِلَى فِعْلِ ذلِكَ. فَرَدُّ فِعْلِ يَسُوعَ ٱلْقَوِيُّ تِجَاهَ ٱلشَّرِّ يَعْكِسُ مَا يَشْعُرُ بِهِ دُونَ شَكٍّ ٱلْآبُ لَدَى رُؤْيَتِهِ ٱلشَّرَّ ٱلْمُتَفَشِّيَ فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْيَوْمَ. فَكَمْ يُطَمْئِنُنَا ذلِكَ عِنْدَمَا نُوَاجِهُ ٱلْمَظَالِمَ!
١٢، ١٣ مَاذَا تَتَعَلَّمُونَ عَنْ يَهْوَهَ مِنْ طَرِيقَةِ مُعَامَلَةِ يَسُوعَ لِتَلَامِيذِهِ؟
١٢ لِنَأْخُذْ أَيْضًا مِثَالًا آخَرَ: طَرِيقَةَ مُعَامَلَةِ يَسُوعَ لِتَلَامِيذِهِ ٱلَّذِينَ تَحَاجُّوا بِٱسْتِمْرَارٍ فِي مَنْ هُوَ ٱلْأَعْظَمُ. (مر ٩:٣٣-٣٥؛ ١٠:٤٣؛ لو ٩:٤٦) فَمِنْ خِبْرَتِهِ ٱلطَّوِيلَةِ مَعَ ٱلْآبِ، عَرَفَ كَيْفَ يَشْعُرُ يَهْوَهُ حِيَالَ ٱلْكِبْرِيَاءِ. (٢ صم ٢٢:٢٨؛ مز ١٣٨:٦) أَضِفْ إِلَى ذلِكَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ رَأَى مِثْلَ هذَا ٱلْمَوْقِفِ عِنْدَ ٱلشَّيْطَانِ إِبْلِيسَ. فَهذَا ٱلْكَائِنُ ٱلْأَنَانِيُّ ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِ حُبُّ ٱلسُّلْطَةِ وَٱلْبُرُوزِ. لِذلِكَ، لَا بُدَّ أَنَّ يَسُوعَ حَزِنَ جِدًّا حِينَ لَاحَظَ أَنَّ ٱلطُّمُوحَ بَقِيَ يَتَمَلَّكُ ٱلتَّلَامِيذَ ٱلَّذِينَ دَرَّبَهُمْ هُوَ بِنَفْسِهِ. حَتَّى إِنَّ هذَا ٱلْمَوْقِفَ كَانَ ظَاهِرًا بَيْنَ ٱلَّذِينَ ٱخْتَارَهُمْ رُسُلًا! وَقَدِ ٱسْتَمَرُّوا يُعْرِبُونَ عَنْهُ إِلَى آخِرِ يَوْمٍ مِنْ حَيَاتِهِ. (لو ٢٢:٢٤-٢٧) رَغْمَ ذلِكَ، ظَلَّ يُصَحِّحُ تَفْكِيرَهُمْ بِلُطْفٍ، دُونَ أَنْ يَفْقِدَ يَوْمًا ٱلْأَمَلَ بِأَنَّهُمْ سَيَتَعَلَّمُونَ فِي نِهَايَةِ ٱلْمَطَافِ ٱلِٱقْتِدَاءَ بِٱلْمَوْقِفِ ٱلْعَقْلِيِّ ٱلْمُتَوَاضِعِ ٱلَّذِي كَانَ لَدَيْهِ. — في ٢:٥-٨.
١٣ فَهَلْ تَرَى كَيْفَ عَكَسَ يَسُوعُ شَخْصِيَّةَ أَبِيهِ عِنْدَمَا قَوَّمَ بِصَبْرٍ ٱلْمُيُولَ ٱلْخَاطِئَةَ لَدَى تَلَامِيذِهِ؟ هَلْ تَسْتَشِفُّ مِنْ أَقْوَالِ ٱلِٱبْنِ وَتَعَامُلَاتِهِ مَعَ تَلَامِيذِهِ أَنَّ ٱلْآبَ لَا يَتَخَلَّى عَنْ شَعْبِهِ رَغْمَ إِخْفَاقَاتِهِمِ ٱلْمُتَكَرِّرَةِ؟ أَوَلَا تَدْفَعُنَا مَعْرِفَتُنَا هذِهِ إِلَى ٱلتَّوْبَةِ وَٱلصَّلَاةِ طَلَبًا لِغُفْرَانِ خَطَايَانَا؟
اَلِٱبْنُ أَرَادَ كَشْفَ شَخْصِيَّةِ ٱلْآبِ
١٤ كَيْفَ أَظْهَرَ يَسُوعُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكْشِفَ شَخْصِيَّةَ أَبِيهِ؟
١٤ يُحْجِمُ كَثِيرُونَ مِنَ ٱلدِّكْتَاتُورِيِّينَ عَنْ إِعْطَاءِ ٱلْمَعْلُومَاتِ لِلنَّاسِ بُغْيَةَ إِحْكَامِ ٱلسَّيْطَرَةِ عَلَيْهِمْ وَإِبْقَائِهِمْ فِي ٱلْجَهْلِ. بِٱلتَّبَايُنِ، أَرَادَ يَسُوعُ أَنْ يَكْشِفَ لِلْآخَرِينَ شَخْصِيَّةَ أَبِيهِ كَامِلًا بِإِخْبَارِهِمْ مَا يَلْزَمُ أَنْ يَعْرِفُوهُ عَنْهُ. (اِقْرَأْ متى ١١:٢٧.) حَتَّى إِنَّهُ مَنَحَ تَلَامِيذَهُ ‹مَقْدِرَةً تَفْكِيرِيَّةً لِكَيْ يَعْرِفُوا ٱلْإِلٰهَ ٱلْحَقِيقِيَّ›. (١ يو ٥:٢٠) فَمَاذَا يَعْنِي ذلِكَ؟ لَقَدْ فَتَحَ أَذْهَانَهُمْ كَيْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ فَهْمِ تَعَالِيمِهِ عَنِ ٱلْآبِ. فَهُوَ مَثَلًا لَمْ يُحِطْهُ بِٱلْغُمُوضِ مُعَلِّمًا إِيَّاهُمْ أَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ ثَالُوثٍ مُبْهَمٍ.
١٥ لِمَاذَا ٱمْتَنَعَ يَسُوعُ عَنْ تَزْوِيدِ بَعْضِ ٱلْمَعْلُومَاتِ ٱلْمُتَعَلِّقَةِ بِأَبِيهِ؟
١٥ وَهَلْ كَشَفَ يَسُوعُ لِلتَّلَامِيذِ كُلَّ مَا يَعْرِفُهُ عَنْ أَبِيهِ؟ كَلَّا، بَلِ ٱمْتَنَعَ بِحِكْمَةٍ عَنْ إِطْلَاعِهِمْ عَلَى أُمُورٍ كَثِيرَةٍ يَعْرِفُهَا. (اِقْرَأْ يوحنا ١٦:١٢) وَلِمَاذَا؟ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِٱسْتِطَاعَتِهِمْ آنَذَاكَ أَنْ يَتَحَمَّلُوا مَعْرِفَةً كَهذِهِ. لكِنَّهُ أَوْضَحَ لَهُمْ أَنَّهُمْ سَيَنَالُونَ فَيْضًا مِنَ ٱلْمَعْلُومَاتِ عِنْدَمَا يَأْتِيهِمِ «ٱلْمُعِينُ»، أَيِ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ، ٱلَّذِي يُرْشِدُهُمْ إِلَى «ٱلْحَقِّ كُلِّهِ». (يو ١٦:٧، ١٣) فَتَمَامًا مِثْلَمَا يَحْجُبُ ٱلْوَالِدُونُ ٱلْحُكَمَاءُ بَعْضَ ٱلْمَعْلُومَاتِ عَنْ أَوْلَادِهِمْ حَتَّى يَكْبَرُوا وَيَصِيرُوا قَادِرِينَ عَلَى فَهْمِهَا، ٱنْتَظَرَ يَسُوعُ حَتَّى صَارَ تَلَامِيذُهُ نَاضِجِينَ وَقَادِرِينَ عَلَى ٱسْتِيعَابِ بَعْضِ ٱلْحَقَائِقِ ٱلْمُتَعَلِّقَةِ بِٱلْآبِ. وَبِذلِكَ رَاعَى حُدُودَهُمْ مُعْرِبًا عَنِ ٱهْتِمَامِهِ بِهِمْ.
سَاعِدِ ٱلْآخَرِينَ عَلَى مَعْرِفَةِ يَهْوَهَ ٱقْتِدَاءً بِيَسُوعَ
١٦، ١٧ لِمَاذَا بِمَقْدُورِكُمْ كَشْفُ شَخْصِيَّةِ ٱلْآبِ لِلْآخَرِينَ؟
١٦ عِنْدَمَا تَعْرِفُ أَحَدًا حَقَّ ٱلْمَعْرِفَةِ وَتُقَدِّرُ شَخْصِيَّتَهُ ٱلْمُحِبَّةَ، أَلَا تَنْدَفِعُ إِلَى ٱلْإِشَادَةِ بِمَحَاسِنِهِ؟ هذَا مَا فَعَلَهُ يَسُوعُ. فَقَدْ تَحَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ يَهْوَهَ أَثْنَاءَ حَيَاتِهِ عَلَى ٱلْأَرْضِ. (يو ١٧:٢٥، ٢٦) فَهَلْ يُمْكِنُنَا ٱلتَّمَثُّلُ بِهِ؟
١٧ كَمَا رَأَيْنَا، فَاقَ يَسُوعُ غَيْرَهُ بِأَشْوَاطٍ فِي مَعْرِفَةِ أَبِيهِ. رَغْمَ ذلِكَ، أَرَادَ أَنْ يُطْلِعَ ٱلنَّاسَ عَلَى بَعْضِ مَا كَانَ يَعْرِفُهُ، حَتَّى إِنَّهُ أَعْطَى أَتْبَاعَهُ ٱلْمَقْدِرَةَ ٱلتَّفْكِيرِيَّةَ لِيَفْهَمُوا صِفَاتِ ٱللهِ عَلَى نَحْوٍ أَعْمَقَ. أَفَلَمْ نَتَوَصَّلْ، بِمُسَاعَدَةِ يَسُوعَ، إِلَى مَعْرِفَةِ أَبِينَا ٱلسَّمَاوِيِّ أَكْثَرَ مِنْ مُعْظَمِ ٱلنَّاسِ ٱلْيَوْمَ؟ فَكَمْ نَحْنُ شَاكِرُونَ لِأَنَّهُ أَرَادَ، بِٱلْقَوْلِ وَٱلْفِعْلِ، أَنْ يَكْشِفَ لَنَا شَخْصِيَّةَ أَبِيهِ! وَفِي ٱلْوَاقِعِ، يُمْكِنُنَا أَنْ نَفْتَخِرَ بِمَعْرِفَتِنَا ٱلْآبَ. (ار ٩:٢٤؛ ١ كو ١:٣١) وَبِمَا أَنَّنَا جَاهَدْنَا لِنَقْتَرِبَ مِنْ يَهْوَهَ، فَقَدِ ٱقْتَرَبَ هُوَ مِنَّا أَيْضًا. (يع ٤:٨) وَهكَذَا، صَارَ بِمَقْدُورِنَا ٱلْآنَ إِطْلَاعُ ٱلْآخَرِينَ عَلَى مَا نَعْرِفُهُ عَنْهُ. كَيْفَ ذلِكَ؟
١٨، ١٩ بِأَيَّةِ طَرِيقَتَيْنِ يُمْكِنُكُمْ كَشْفُ شَخْصِيَّةِ ٱلْآبِ لِلْآخَرِينَ؟ أَوْضِحُوا.
١٨ يُمْكِنُنَا أَنْ نَكْشِفَ شَخْصِيَّةَ ٱلْآبِ بِٱلْقَوْلِ وَٱلْعَمَلِ ٱقْتِدَاءً بِيَسُوعَ. فَلَا نَنْسَ أَنَّ كَثِيرِينَ مِمَّنْ نُصَادِفُهُمْ فِي خِدْمَةِ ٱلْحَقْلِ لَا يَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ ٱللهُ. فَقَدْ تَكُونُ لَدَيْهِمْ فِكْرَةٌ مُبْهَمَةٌ أَوْ مُشَوَّهَةٌ عَنْهُ بِسَبَبِ ٱلتَّعَالِيمِ ٱلْبَاطِلَةِ. لِذَا، يَلْزَمُ أَنْ نُخْبِرَهُمْ مَا نَعْرِفُهُ مِنَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ عَنِ ٱسْمِ ٱللهِ، قَصْدِهِ لِلْبَشَرِ، وَشَخْصِيَّتِهِ. مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، يَحْسُنُ بِنَا تَشْجِيعُ رُفَقَائِنَا ٱلْمَسِيحِيِّينَ بِٱلتَّحَدُّثِ مَعَهُمْ عَنْ رِوَايَاتٍ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ عَمَّقَتْ فَهْمَنَا لِصِفَاتِ ٱللهِ.
١٩ وَكَيْفَ نَكْشِفُ شَخْصِيَّةَ ٱلْآبِ بِسُلُوكِنَا ٱقْتِدَاءً بِيَسُوعَ؟ حِينَ تَعْكِسُ تَصَرُّفَاتُنَا مَحَبَّةَ ٱلْمَسِيحِ، يَنْجَذِبُ ٱلنَّاسُ إِلَى ٱلْآبِ وَكَذلِكَ إِلَى يَسُوعَ. (اف ٥:١، ٢) وَقَدْ شَجَّعَنَا ٱلرَّسُولُ بُولُسُ أَنْ نُصْبِحَ ‹مُقْتَدِينَ بِهِ، كَمَا هُوَ بِٱلْمَسِيحِ›. (١ كو ١١:١) فَيَا لَلِٱمْتِيَازِ ٱلرَّائِعِ ٱلَّذِي لَدَيْنَا أَنْ نُسَاعِدَ ٱلْآخَرِينَ بِسُلُوكِنَا عَلَى مَعْرِفَةِ يَهْوَهَ! فَلْنَعْمَلْ بِٱسْتِمْرَارٍ عَلَى كَشْفِ شَخْصِيَّةِ ٱلْآبِ ٱقْتِدَاءً بِيَسُوعَ.
[اسئلة الدرس]